الاثنين، 1 نوفمبر 2010

حرية التعبير بين المدرستين اللاتينية والانجلوسكسونية



تشكل حرية الإعلام احدي الأساسيات التي تقوم عليها الديمقراطيات الحديثة في العالم , لذلك نجدها تهتم بالإعلام وتجعله من أولوياتها السياسية والاقتصادية والتشريعية, وذلك للأثر البالغ  والدور الفاعل الذي أصبح يلعبه في مختلف المجالات الحياتية.
من هنا ذهبت الدول الديمقراطية الليبرالية إلى اعتماد مختلف التقنينات للعمل على ضمان أفضل حرية ممكنة للإعلام, من خلال حضر أي تقنين يتعارض مع هذه الحرية باعتبارها من الحريات الأساسية للإنسان اعتمادا على المادة 19 من ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1948, ونفس المادة من  العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي عرض للتصديق عليه من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966 وبدا العمل به منذ سنة 1976, وإما من خلال التقنين له وإلزام مختلف الجهات الفاعلة فيه بعدم المساس بهذه الحرية, إلى غير ذلك من أنواع التشريعات المتعلقة بالإعلام.
لكن عموما انقسم التشريع للإعلام بين مدرستين أساسيتين المدرسة اللاتينية, والمدرسة الانجلوسكسونية.
القانون المشترك ( common lawبالإنجليزية)، ويسمى أيضاً القانون الأنجلو-سكسوني وأحياناً القانون العام، هو المدرسة القانونية التي تستمد جذورها من التراث القانوني الإنجليزي، ومجموعة القوانين النابعة من هذه المدرسة، ومن أبرز سماتها الاعتماد على السوابق القضائية كمصدر ملزم للتشريع، ويقابل هذه المدرسة مدرسة القانون المدني التي تستمد جذورها من التراث القانوني الأوروبي، وبالأخص القانون الروماني. وفي داخل الدول التي تتبع مدرسة القانون المشترك، يستخدم المصطلح بمعنى آخر أحياناً، حيث يطلق على القوانين العرفية غير المكتوبة فيكون القانون المشترك في هذه الحالة مقابلاً للقانون المكتوب الصادر من المجالس التشريعية.
في حين في المدرسة اللاتينية تم استخلاص منهج موحد مستمد من مدونة جوستنيان (الإمبراطور الروماني الشرقي) ومن الأعراف الجرمانية التي سادت بعد غزو قبائل البربر الجرمانية واستيلائها على أراضي الإمبراطورية الرومانية في أوروبا . لذلك يطلق على هذه المدرسة اسم العائلة الرومانية الجرمانية. أما بالنسبة لعائلة الكومون لو فقد نشأت في انجلترا بجهد قضاة المحاكم الملكية منذ الغزو النورماندي لانجلترا بقيادة الأمير (وليم) أمير النورماندي الذي قضى على أخر ملوك الانكلوسكسون فأنهى بذلك الحكم القبلي القائم على نظام الإقطاع.
كما ان التشريع في المدرسة اللاتينية يعتمد على المشرع بشكل كامل’ فهذا الاخير له السلطة التامة في التشريع, والقاعدة القانونية تعتبر امرة وتامة شاملة, في حين ان القاضي في المدرسة الانجلوسكونية له السلطة التقديرية والقوانين بها تعتبر مرنة. 
وبالتالي فاننا نجد اختلافا كبيرا بين المدرستين اللاتينية والانجلوسكسونية في التعامل مع القضايا الاعلامية والتشريع لها وكذا من حيث اليات التطبيق, فنجد الكثير من قوانين الاعلام في الدول التي تعتمد وتتبنى المدرسة اللاتينية, تجرم بعض الاخطاء التي يقع فيها الصحفي, وتسن لها اجرءات عقابية تصل الى حد الحبس, في حين ان المدرسة الانجلوسكسونية تقدس جرية الاعلام وتفتح لها الباب على مصراعيه الى درجة ان الدستور الامريكي ينص على انه "لا يجوز للكونغرس أن يسن قانوناً يتعلق بإنشاء دين، أو منع ممارسته بحرية؛  أو يحدّ من حرية التعبير، أو الصحافة؛  أو حق الناس بالتجمع بسلام، أو مطالبة الحكومة برفع المظالم."
إن المدرسة الانجلوسمسونية تبنت نظاما  تشريعيا يضمن أقصى حد  ممكن لحرية الإعلام, بحيث أن معظم التشريعات التي مست قطاع الإعلام كانت تتوجه وتخاطب الحكومات ولا تخاطب الإعلاميين,
لكن الواقع المشاهد يجسد حقيقة مغايرة, حيث أن حرية الإعلام محصورة في نطاق معين على عكس ما يصرح به, بالإضافة إلى أن اغلب وسائل الإعلام تمثل توجها إيديولوجيا وسياسيا معينا, ما حول دون ممارسة الحق في الإعلام بالشكل المناسب, كما أن ذلك طريقة من طرق تقييد الممارسة الإعلامية, ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا: نجد أن وسائل الإعلام تعبر عن توجهين سياسيين أساسيين, هما الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري, وما عداهما فهو في عداد النكرة الإعلامية.